التسويات الودية لحل النزاعات

وسيلة فعّالة لتجنب النزاعات القانونية المعقدة
November 1, 2022 by
Hisham Al Zouabi


تعتبر التسويات الودية نتيجة حتمية لأي عملية حوار مدعم بمهارات التفاوض والإقناع المتبادل من طرفي النزاع حالما تتوافر الإرادة الحقيقية لكلاهما في انهاء النزاع ودياً,

كان ولا يزال الحوار من اهم واقدم الوسائل التي عرفها الانسان لحل المشكلات التي يتعرض لها في معاملاته وعلاقاته مع الغير,

فحتى قبل وجود المحاكم والقوانين التي ترعى سير اجراءات التقاضي وتقرر المواقف القانونية للأشخاص لايزال الحوار هو الحجر الاساس الذي تبنى عليها كافة التقنيات والوسائل التي تتيح اقرار الحقوق واسترجاعها.

ماهي التسويات الودية

يشير مصطلح التسوية الودية للنزاع إلى عدد من الأساليب غير الرسمية التي تم ابتكارها لمساعدة الأطراف على تسوية النزاعات بينهم في إطار مؤسساتي بمساعدة طرف محايد وبدون اللجوء إلى المحاكم.

ويمكن القول انها عملية مستمرة ومتكاملة من الاتصال والتواصل المستمر والمباشر بين الاطراف او وكلاؤهم بوجود وسيط محايد او بدونه تعتمد بالدرجة الاولى على تلاقي إرادة الطرفين على الحل بطريقة ودية وتتناول امكانية تقريب وجهات النظر وتنظيم وترتيب المطالب وتحقيقها بطريقة تجعل كلاهما" رابح ولا يوجد اي طرف خاسر" وذلك بالتوازي مع حقوق والتزامات وواجبات كل طرف.

اهم ما يميزها القبول والرضا بالإتفاق والتنفيذ الطوعي وعدم النكول او التراجع لما تتسم به من النفاذ الفوري لما تفضي له.

ويمكن الشروع بإجراءات التسوية بأي وقت كان سواء قبل او اثناء التقاضي امام المحاكم او حتى بعد حصول احد الاطراف على حكم لمصلحته متى توافر شروط تحققها.

القضايا التي يمكن ان تكون التسوية افضل طريق لحلها

- يمكن لأي خلاف او نزاع مهما كان نوعه او حجمه او حتى تاريخ نشوبه أن يكون محل للتسوية الودية التي تعتبر الطريق الاقرب للحل , هذا في عموم الامر, حيث نرى ان الشركات على اختلاف حجمها وكذلك الدول تسعى لفض نزاعاتها بطرق ودية وكذلك المعاملات بين الأشخاص الطبيعيين مهما صغر حجمها ممكن ان تكون التسوية حل افضل للنزاعات التي تنشأ عنها كما هو الحال في القضايا العمالية والاحوال الشخصية والعلاقات التجارية والالتزامات المدنية بدرجة اكبر.

- اما فيما يتعلق بالإلزام الذي فرضه القانون للجوء الى التسوية الودية فقد تناول قضايا معينة ضمن شروط وحدود ومعايير واضحة والذي يتسع شموله او يضيق حسب التشريعات الخاصة بكل دولة والذي اصبح معيار لقياس مدى تحقق الثقافة القانونية في المجتمع وسرعة فض النزاعات الذي تحققه الحلول الودية عبر مؤسسات مختصة ترتبط بمؤسسة القضاء.

- صدرت في دولة الامارات العربية المتحدة مجموعة من القوانين والتشريعات التي جعلت للتسويات مرجعية مؤسساتية في العديد من القضايا التي جعل القانون اللجوء لها الزاميا ضمن شروط وحدود معينة

يوجد في محاكم الدولة دوائر مختصة بالتسويات بالإضافة الى المراكز المختصة بالوساطة والتحكيم ومراكز فض النزاعات التي تجعل من اللجوء الى الحل الودي اول خطوة في اجراءاتها مثل مركز دبي المالي العالمي ومركز ابو ظبي للتوفيق والتحكيم.

معظم الاتفاقيات والعقود التي تبرم في دولة الامارات العربية المتحدة تضع احد شروط حل اي نزاع ينشب بين الاطراف اللجوء الى التفاوض وعقد تسوية ودية قبل اي شيء ويعتبر هذا الشرط إلزامي.

ومن القوانين التي صدرت قانون رقم /18/ لعام 2021 بشأن تنظيم اعمال الصلح في إمارة دبي.

- حيث انه لا توجد احصائية رسمية لعدد التسويات التي تنجز خارج دور القضاء والمؤسسات الرسمية كمكاتب المحاماة او مراكز الصلح والتحكيم .يمكن ان نذكر احصائية صادرة من محاكم دبي:

انجز مركز التسويات الودية في محاكم دبي العام الماضي 3022 تسوية واتفاقية تتعلق بمطالبات مالية في قضايا مدنية قبل تحويله الى المحاكم المختصة بلغت قيمة المطالب المالية المحققة فيها ستة مليارات و 531 مليون درهم مقابل (1826) مماثلة لعام 2020بقيمة 4 مليارات و 136 مليوناً , ويترتب على ابرام اتفاقية الصلح انتهاء الخصومة بين أطراف النزاع في الموضوع الذي كان محلاً لها , ولا يجوز لأي طرف من الأطراف إعادة طرح الموضوع ذاته أمام القضاء.

اما فيما يتعلق بتسويات الاحوال الشخصية والتنفيذ وقضايا التركات فقد بلغت قيمة هذه التسويات اكثر من 11 مليار لعام 2021, بالإضافة الى العدد الكبير من التسويات في القضايا العمالية والتجارية وغيرها من القضايا.

التقنيات الرئيسة لإجراء تسوية

طالما التقت ارادة الطرفين على ضرورة حل النزاع ودياً والذي يعتبر حجر اساس لبناء تسوية وحيث يمكن استخدام اسلوب التحفيز والتشجيع وتوضيح المكاسب وحجم الخسائر في المال والوقت التي سيتحملها الطرفين مع استمرار النزاع من خلال اطالة امد التقاضي في حال كان النزاع معروض على القضاء المختص, فيصبح للخبرة والمهارات التي يمتلكها من يقوم بإجراءات التسوية الدور الاهم والحاسم في تحقيق الغاية المطلوبة ويمكن ان يعتمد في هذا الصدد بدرجة كبيرة على التقنيات والامكانيات التالية:

المعرفة القانونية

التي يتمتع بها من يدير عملية التسوية والتي تتوافر في محامي ذو خبرة عملية ولديه إلمام بمختلف القوانين والانظمة التي سيستخدم مهاراته في موائمتها بطريقة مبسطة مع النزاع محل التسوية وكلما توافر هذا الامر بدرجة كبيرة لدى وكلاء الطرفين ممن يتولون العملية كانت الظروف اكثر ملاءمة للوصول للحل الودي.

مهارات التفاوض والاقناع

وهي اهم تقنية يجب ان يتمتع بها وسيط او مدير التسوية لأنك بالدرجة الاولى ستقوم بإقناع احد او كلا الطرفين بالحلول الممكنة وكذلك اظهار هذه الحلول بالطريقة التي يتفهمها الاطراف وستكون بحاجة للتفاوض بطريقة لبقة لتهذيب وترتيب المطالب وضمان قبول كلا الطرفين بها.

الثقافة العامة

التي يجب ان يمتلكها وسيط التسوية من خلال الالمام بمختلف المجالات والانشطة والاعمال المتداولة في المجتمع مع تفهم عادات وتقاليد مختلف الناس والتي تجعل منه مهذب ومرن في التعامل مع جميع الاطراف.

الصبر والحكمة

وهي غالباً تكون موهبة خلقية في الوسيط مدعمة بتجاربه الشخصية والتي تجعل منه اكثر قدرة على استيعاب كل ما يطرحها الاطراف والمغالطات التي اكتسبوها والعمل على تصحيحها بطريقة سلسة وانسيابية.

ويمكن ان تدار عملية التسوية حسب الحال والظروف وما يتوافق عليه الاطراف بأحد او بأكثر من الاساليب التالية:

التفاوض المباشر.

بين طرفي النزاع او عبر ممثليهم القانونين ويفترض ان يتولى محامي مختص بالتسويات هذه المهمة عن كل طرف لما تقتضي العملية من اجراءات وتقنيات مغايرة لما يتبع في المحاكم.

الوساطة

كأن يتفق الاطراف على تعين وسيط يدير عملية التسوية ويكون من ذوي الخبرة والمعرفة في هذا العمل

التقييم المحايد

وهنا يلجأ الاطراف لإجراء هذا التقييم عن طريق خبرة مختصة فنية او علمية تنصب على جوهر العلاقة التعاقدية التي نشأ عنا النزاع وتعتبر هذا الطريقة مكملة او مساندة لغيرها من الطرق.

المحاكمة المصغرة

وهي تتم غالبا بتشكيل لجنة متفق عليها بين الاطراف تستمع لهم وتبحث في التفاصيل والمستندات وتصدر رأيها الذي يكون ملزم للأطراف بقبولهم لها مسبقا, وحاليا نرى ان هذا الاسلوب معتمد بشكل قانوني عبر مؤسسات القضاء بوجود لجان فض المنازعات و لجان التسويات التي تحال لها القضايا بشكل الزامي ضمن حدود وشروط معينة وهو اسلوب متبع في دولة الامارات العربية المتحدة وصدر لتنظيمه العديد من القوانين وحقق نتائج اكثر من ممتازة.

أي أسلوب آخر للتسوية

كالمراسلات المكتوبة او تدخل طرف ثالث ذو مصلحة بإنهاء النزاع

توليفة من أساليب التسوية

كأن يتم استخدام بعض او حتى كل ما سبق من اساليب او حتى ابتداع اساليب جديدة .فالحلول الودية لا حدود لها ولا اجراءات ثابتة ترعاها

السمات الجوهرية للتسوية الودية للنزاع

تتميز إجراءات التسوية الودية بالمرونة وبأن الطرفين يتحكمان فيها إلى أقصى حد ممكن. تهدف الإجراءات إلى التوصل إلى حل سريع، ومن ثم غير مكلف نسبياً. تسمح التسويات لطرفي النزاع بالسعي إلى التوصل إلى حل ودي للنزاع بينهما من خلال استخدام الحد الأدنى من الوقت والموارد.بعيداً عن اجراءات التقاضي الطويلة والتي ما أن يحصل بها احد الطرفين على حكم نهائي الى ان يبدأ مرحلة جديدة غير محدودة من الزمن لتنفيذ حكمه واقتضاء حقوقه مع ما يقوم به الطرف الخاسر من اجراءات للتملص من التنفيذ الجبري وما يترتب عليه من تعميق الخصومة بين الطرفين, في حين ان احد اهم نتائج التسوية الودية يكمن في التنفيذ العاجل والرضائي لها ومايترتب عليه من اعادة العلاقة بين الطرفين كما كانت سابقا في اغلب الحالات ولاسيما العلاقة بين الشركات التجارية فيما بينها اوالشركات مع عملاؤها من الاشخاص الطبيعي والتي تحرص معظم الشركات للحفاظ عليهم.

تسمح الإجراءات للطرفين بأن يختارا بأنفسهما أي أسلوب للتسوية يناسبهما أكثر من غيره لمساعدتهما على حل النزاع بينهما بواسطة"محايد متمرس.وفي حالة عدم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين حول أسلوب معين للتسوية، يُستخدم أسلوب الوساطة.ويمكن أن تؤدي الإجراءات إلى إبرام"عقد تسوية"بين الطرفين ينهي النزاع بينهما ويكون ملزماً لهما طبقاً للقانون واجب التطبيق عليه.ويمكن أن تؤدي الإجراءات، أيضاً، إلى إبداء رأي أو تقييم غير ملزم من المحايد، إذا اختار الطرفان ذلك كأسلوب لتسوية النزاع. ومن ثم يمكن للطرفين أن يتفقا كتابياً على التزام توصية المحايد أو قراره رغم أن كلا منهما في حد ذاته غير نافذ قانوناً.وفي هذه الحالة، يصبح الاتفاق بين الطرفين ملزماً لهما طبقاً للقانون واجب التطبيق على ذلك الاتفاق. تتسم الإجراءات بالسرية, وتضع القواعد موضع التنفيذ أقصى ضمانات ممكنة لتحقيق ذلك الغرض

مكتب الصفر ومشاركه للمحاماة والاستشارات القانونية مع 40 سنة من الخبرة في التعامل مع أكبر القضايا المحلية والعالمية على استعداد دائم لمساعدتكم مهما كان نوع قضاياكم القانونية

97144221944+ - reception@alsafarpartners.com - www.alsafarpartners.com