مقدمة
تعتبر شهادة الزور من الجرائم الخطيرة التي تهدد استقامة القضاء وتفسد العدالة في المجتمع. وقد حذر الدين الإسلامي من هذه الممارسة بشدة، حيث تناول القرآن الكريم والسنة النبوية التحذير من شهادة الزور، وبيّن خطرها وعقوبتها باعتبارها من الكبائر التي تغضب الله وتضر بالمجتمع. ومن أجل التصدي لهذه الجريمة، وضعت دولة الإمارات العربية المتحدة تشريعات صارمة لمعاقبة الشهود الزور وحماية نزاهة القضاء.
في هذا المقال، سنستعرض كيف عالج القرآن الكريم والسنة النبوية قضية شهادة الزور وحرمها، كما سنلقي نظرة على مواد قانون العقوبات الإماراتي المتعلقة بهذه الجريمة والإجراءات الرادعة.
شهادة الزور في القرآن الكريم
وردت العديد من الآيات القرآنية التي تحذر من شهادة الزور، حيث تبيّن أن اجتناب شهادة الزور يعتبر تعظيماً لحرمات الله وطريقاً إلى الخير.ومن هذه الآيات الكريمة:
- قال تعالى: "ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ" (الحج: 30).
- قال تعالى: "وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا" (الفرقان: 72).
تشير هذه الآيات إلى أن شهادة الزور تُعتبر رجساً يجب اجتنابه، وتبرز أن الصدق في القول هو جزء من تعظيم حرمات الله.
شهادة الزور في السنة النبوية
أكدت السنة النبوية على تحريم شهادة الزور وبيّنت خطورتها على الفرد والمجتمع، حيث وصفتها بأنها من أكبر الكبائر التي تهدد سلامة المجتمع وتقوّض العدالة. ومن الأحاديث التي تدل على تحريم شهادة الزور، ما ورد عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-، قال: (ذَكَرَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- الكَبائِرَ، فقالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزّور وشَهادة الزّور، فما زال يُكررها حتى قلنا: ليته سكت).
هذا الحديث يظهر أهمية اجتناب شهادة الزور وأنها تأتي في منزلة كبيرة بين الكبائر، مما يعزز من تحذير الإسلام من شهادة الزور ويؤكد على ضرورة التزام المسلم بقول الحق.
شهادة الزور في القانون الإماراتي
شرّعت دولة الإمارات قوانين صارمة لمحاربة شهادة الزور، تأكيداً على أهمية حماية النظام القضائي ونزاهة العدالة. وقد تناول قانون العقوبات الإماراتي شهادة الزور بالتفصيل من خلال المواد القانونية الآتية:
المادة (302)
تعاقب هذه المادة كل من يقدم شهادة زور أمام محكمة أو هيئة ذات صلاحية قضائية. وتشمل العقوبات:
- الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر لكل من شهد زوراً أو أنكر الحقيقة أو كتم بعض أو كل ما يعرفه عن وقائع القضية.
- إذا كانت الشهادة الزور في تحقيق جناية أو محاكمة بشأنها، يعاقب بالسجن المؤقت.
- إذا تسببت شهادة الزور في حكم بالإعدام أو السجن المؤبد، يعاقب الشاهد بنفس العقوبة.
المواد الأخرى ذات الصلة
- المادة (303): توفر هذه المادة إعفاءً من العقوبة لمن يتراجع عن شهادته الكاذبة خلال التحقيق أو قبل صدور حكم، مما يشجع على العودة إلى قول الحق.
- المادة (304): تشمل حالات خاصة يُعفى فيها الشاهد من العقوبة إذا كانت الحقيقة قد تؤدي إلى ضرر كبير له أو لأحد أقاربه.
- المادة (315): يعاقب بالحبس كل من يحاول تضليل القضاء بإخفاء أدلة أو تقديم معلومات كاذبة.
- المادة (318): يفرض القانون الحبس أو الغرامة على من يحاول عرقلة تنفيذ أحكام الحجز القضائي على الأموال.
أهمية محاربة شهادة الزور في الإمارات
تسعى القوانين الإماراتية إلى مكافحة شهادة الزور لما تسببه من أضرار جسيمة على الأفراد والمجتمع. إذ تساهم شهادة الزور في ضياع حقوق الأفراد وتقويض النزاهة القضائية، مما يؤدي إلى ضعف ثقة المجتمع في النظام القضائي. وتهدف التشريعات الإماراتية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وردع كل من يحاول تضليل القضاء.
الخاتمة
تُعد شهادة الزور من الجرائم التي تضر بقيم العدالة والمساواة، وتهدد حقوق الأفراد. وقد جاء الإسلام بتحريم شهادة الزور وأكدت عليها السنة النبوية، وجاءت القوانين الإماراتية لتشدد على عقوباتها بما يحمي نزاهة القضاء ويضمن حقوق المجتمع.
لأي استفسار أو سؤال حول هذا الموضوع، يُسعدنا في مكتب الصَفَر ومشاركوه تقديم استشارات قانونية شاملة لما لنا من خبرة واسعة في معالجة مثل هذه القضايا. يمكنكم التواصل معنا للحصول على دعم قانوني متخصص لحماية حقوقكم وفق القانون الإماراتي على: +971.4.4221944 reception@alsafarpartners.com - www.alsafarpartners.com
Written By:
Mr. Mohammad Ezzelarab - Partner and Head of Litigation atAl Safar and Partners Law Firm.