لماذا رفضت محكمة تمييز دبي شرط التحكيم أحادي الجانب؟ وما تأثير ذلك على العقود التجارية؟

رفضت محكمة تمييز دبي شرط التحكيم أحادي الجانب: تداعياته على العقود التجارية
11 ноября 2024 г. по
Rana Al Shoufi

مقدمة

شهدت محكمة تمييز دبي تطوراً لافتاً في موقفها القانوني بخصوص شرط التحكيم أحادي الجانب، حيث أصدرت مؤخراً حكماً تاريخياً يناقش مدى مشروعية هذا الشرط وتأثيره على اختصاص المحاكم الوطنية. يُعد هذا القرار نقلة نوعية في ميدان التحكيم التجاري في دولة الإمارات، حيث يعكس توازناً قضائياً عادلاً يُحافظ على حقوق الأطراف المتعاقدة، و يعالج إشكالية لطالما كانت مثاراً للجدل الفقهي والقضائي. المبدأ الذي أرسته المحكمة في هذا الحكم قد يعيد تشكيل الإطار القانوني الذي ينظم اتفاقيات التحكيم في العقود التجارية، خاصةً في ظل وجود أحكام سابقة من محكمة تمييز دبي كانت تميل لتأييد شرط التحكيم التخييري، مما يجعل هذا الحكم نقلة نوعية في مسار العدالة.

المضمون

تحليل شرط التحكيم أحادي الجانب وأساسياته القانونية يُعرف شرط التحكيم أحادي الجانب بأنه اتفاق يمنح أحد الأطراف حصرياً الحق في اختيار الجهة القضائية المختصة بنظر النزاع، سواء كانت هيئة تحكيمية أو محكمة وطنية، في حين يُحرم الطرف الآخر من هذا الخيار. وقد كانت هذه المسألة مثار جدلٍ واسع في الأوساط القضائية، إذ يتعارض هذا الشرط مع المبادئ العامة في قانون العقود التي تشدد على تحقيق العدالة وتوازن الحقوق بين الأطراف.

وفي حكمها الأخير، ارتأت محكمة تمييز دبي أن هذا الشرط يخل بمبدأ المساواة ويجعل من النظام القانوني أداةً لتفضيل طرف على آخر بشكل غير منصف، مما يُضعف القوة الملزمة للشرط كونه غير متوازن. ولذا، قررت المحكمة أن شرط التحكيم أحادي الجانب لا يُعتبر مانعاً قضائياً يحجب اختصاص المحاكم الوطنية، ما دام الخيار بين التحكيم والقضاء مفتوحاً لصالح طرف دون الآخر، ودون إلزام على الطرفين بقبول التحكيم وحده كوسيلة فض النزاع.

اتجاهات قضائية سابقة ودلالتها اللافت في هذا الحكم أنه يمثل تحولاً عن بعض الأحكام السابقة الصادرة عن محكمة أبوظبي ومحكمة رأس الخيمة ومحكمة تمييز دبي نفسها، والتي كانت تميل لقبول شرط التحكيم التخييري واعتباره بمثابة تنازل ضمني عن اللجوء إلى القضاء الوطني لصالح التحكيم. هذه الأحكام السابقة كانت تعتبر الشرط ملزماً للطرفين رغم منحه أحدهم سلطة اختيار جهة النزاع، استناداً إلى فكرة أن طرفاً ما قد يقبل بالمخاطر التي ينطوي عليها هذا الشرط عندما يوقع على الاتفاقية. إلا أن الحكم الجديد يعارض هذه التوجهات السابقة، ويؤسس لمبدأ أكثر عدلاً، حيث اعتبرت المحكمة أن هذا النوع من الشروط لا يتمتع بالقوة الإلزامية القانونية الكافية ما لم يكن الاتفاق بين الطرفين على التحكيم بصفة حصرية وقاطعة.

الدلالات القانونية والأهمية القضائية للحكم الجديد يعزز هذا الحكم من أهمية ضمان توازن الحقوق بين الأطراف في العقود التجارية، حيث يرفض السماح لأي شرط يُعطي امتيازاً لطرف على حساب الآخر أن يعيق وصوله إلى العدالة عبر المحاكم. كما أن المحكمة استندت إلى المبادئ العامة للقانون في تحقيق مصلحة العدالة ومنع التعسف في استخدام الحق، مشددةً على أن شرط التحكيم الذي يُعطي خياراً لأحد الأطراف فقط يعتبر نوعاً من التفرقة غير المبررة التي تتنافى مع المساواة المطلوبة في التعاقدات. إن هذا الحكم يُشكل تطوراً في كيفية تفسير شرط التحكيم ويعكس حرص المحكمة على إرساء مبادئ الشفافية والعدالة بين المتعاقدين.

الخاتمة

جاء حكم محكمة تمييز دبي ليُرسي مبدأ قانونياً مهماً يضمن العدالة والتوازن بين الأطراف المتعاقدة في مسائل التحكيم. ويعكس هذا الحكم رغبة المحكمة في حماية الحقوق المتساوية وعدم الانحياز لطرف على حساب الآخر، ما يجعله حكماً قضائياً رائداً في تطوير الفقه القضائي الإماراتي. ونحن في مكتب الصفر ومشاركوه نرحب بأي استفسار حول هذا الموضوع أو غيره من المواضيع القانونية، حيث نحرص على تقديم الاستشارات القانونية ودعم عملائنا في تحقيق العدالة في فض النزاعات.

للمزيد من المعلومات أو المساعدة القانونية الرجاء التواصل على الرقم والبريد الالكتروني التالي: 97144221944 - reception@alsafarpartners.com - www.alsafarpartners.com

Written By:

Ms. Rana Al Shoufi - Legal Consultant & Head of legal Coordination Department at Al Safar and Partners Law Firm.